أحداث ذُكرت في "لوكاندة بير الوطاويط".. حقائق تاريخية أم تخاريف سليمان السيوفي؟! - مدونة - مكتبات الشروق
أحداث ذُكرت في "لوكاندة بير الوطاويط".. حقائق تاريخية أم تخاريف سليمان السيوفي؟!
الأحد 6 يونيو 2021

في روايته الأحدث "لوكاندة بير الوطاويط" يُقدم لنا الكاتب أحمد مراد عالمًا روائيًا شديد الغرابة والثراء، بطله شخصية بالغة الغرابة والتفرد بدورها: "سليمان جابر السيوفي أفندي".

يعمل سليمان كمصور للموتى، ويتم الاستعانة به كمحقق خاص حول الجرائم لخبراته في تحليل مسرح الجريمة. ويملك سليمان ذكاءً خارقًا، لكنك لن تمنع نفسك وأنت تقرأ مغامراته أن تشك في سلامة قواه العقلية. حيث يدون في مذكراته العديد من الأمور الغريبة والغير قابلة للتصديق. ولكنه يذكر أيضًا العديد من القصص والوقائع التاريخية.. وفي هذا الموضوع سنعرض بعضها.. ونستكشف معًا، هل هي حقائق تاريخية، أم شائعات ليس لها دليل، أم مجرد تخاريف لسليمان السيوفي...

∎ السلطانة تقتل 18 من أبناء زوجها:

Safiye sultan l.jpg

في أحد مشاهد الرواية يتحدث سليمان السيوفي عن غدر السلاطين العثمانيين، ويدلل على ذلك بقوله: «ولا ننسى ما فعلته السلطانة "صفيَّة" زوجة السلطان مراد الثالث، حين ذبحت ثمانية عشر ابنًا لزوجها من زوجات غيرها، فوق أسِرّتهم، في صباح يوم وفاته، لتُنصِّب ابنها محمد الثالث سُلطانًا للعثمانلية»

والحديث هنا عن السلطانة صفية، واسمها الأصلي: صوفيا بيلوجى بافو، وهي زوجة السلطان العثماني مراد الثالث، ووالدة السلطان محمد الثالث. وقد ولدت في البندقية، وخطفها القراصنة العثمانيين وهي ابنة 15 عام، وبيعت في سوق الرقيق بإسطنبول، وتم شراؤها من قبل الحرملك، وعشقها الأمير مراد الثالث بسبب جمالها، وشعرها الأشقر، وعيونها الواسعة، وبشرتها البيضاء. وعندما تولى الحكم جعلها سيدة النساء وأصبح لها مكانًا بارزًا.
وعندما مات السلطان مراد الثالث في 17 يناير 1595م، أرادت أن تُجلس ابنها محمد الثالث على العرش، فأرسلت 18 من عبيد القصر إلى أبناء السلطان الذكور الـ 18، ليقتلوهم في غرفهم. 

∎ مؤامرة لاغتيال ولي العهد:

rafet

يجمع أحد مشاهد الرواية سليمان السيوفي بالخديوي إسماعيل، إذ يضعوا النارجيلة بينهم ويشدوا "أنفاس الود والصداقة". يحكي السيوفي: «وأسرَّ لي هامسًا ـ بعد أن وضع سن الأفيون تحت لسانه ـ أن الإشاعات المُتداوَلة حول تآمره وعمه سعيد باشا على قتل أخيه الأكبر، وولي العهد الشرعي "الأمير أحمد رفعت" في حادث سقوط القطار من فوق كوبري كفر الزيات، حقيقة، ليست محض صدفة أو نظرية مؤامرة جامحة، فالجسر كان مفتوحًا عن عمد، والمكابح كانت مرفوعة»

يشير المشهد إلى واقعة موت الأمير أحمد رفعت، الابن الأكبر لإبراهيم باشا ابن محمد علي، والأخ الأكبر للخديوي إسماعيل. إذ حدث في سنة 1858م أن أقام سعيد باشا وليمة كبيرة بالإسكندرية دعا إليها جميع أفراد الأسرة، بمن فيهم ولي العهد أحمد رفعت باشا وبعد انتهاء الوليمة عاد رفعت باشا وبصحبته الأمير عبد الحليم بن محمد علي وبعض رجال الحاشية بقطار خاص إلى القاهرة، وتصادف عند وصول القطار إلى كوبري كفر الزيات أن الكوبري كان مفتوحا لمرور السفن، فسقط القطار في النيل وغرق كل من فيه إلا الأمير عبد الحليم باشا.

ويذهب البعض إلى أن الأمير أحمد رفعت كان ضحية مؤامرة، خاصة أن سعيد باشا كان يفضل عليه إسماعيل الذي جربه كثيرا في إدارة بعض شئون الدولة، وكان خير سند له. ويعتقد البعض من المؤرخين أنه لا توجد أي دلائل تاريخية على قيام إسماعيل بهذا الفعل.

لكن أحمد مراد يذهب بخياله إلى صحة الشائعة، ويُصوِّر إسماعيل مصابًا بعقدة الذنب، إذ يأتي على لسانه في الرواية: «ومنذ توليت العرش، بات يزور أحلامي، كل يوم، يقف بين أشجار الحديقة، في الظلام، ينظر في عينيَّ بلوم حتى تنحبس أنفاسي وأكاد أختنق قبل أن أنتفض مفزوعًا».

∎ زلزال الإسكندرية:

Alex
لوحة لمارتن همسكريك تصور فنار الإسكندرية

ورد على لسان سليمان السيوفي حديثًا عن زلزال ضرب الإسكندرية، والسياق أنه كان يحمل عداوة للسلطان العثماني، وكان يتمنى «زلزال يُصيب الأستانة، مثل الذي أصاب الإسكندرية سنة ١٣٢٣».

بالفعل حدث زلزال في الإسكندرية عام 1323، في عهد السلطان "الناصر محمد بن قلاوون"، فضرب شرق البحر المتوسط، ودمر حصون الإسكندرية وأسوارها، وتسبب في خسارة البشرية لأحد عجائب الدنيا السبع، ألا وهي فنار الإسكندرية.

وصف المقريزي في خططه ما أصاب الإسكندرية من دمار، وزارها "ابن بطوطة" وكتب عن زيارته: «وقصدتُ المنارة، عند عودتي إلى بلاد المغرب، فوجدتها قد استولى عليها الخراب، بحيث لا يمكن دخولها ولا الصعود إليها».

لطلب الرواية:

"في عام ٢٠١٩ وأثناء ترميم "لوكاندة بير الوطاويط" المجاورة لمسجد "أحمد ابن طولون" بحي "السيدة زينب"، تم العثور على يوميات تعود إلى سنة ١٨٦٥م، مدفونة وراء حائط الغرفة رقم سبعة بالطابق الثالث بمبنى اللوكاندة، ومحفوظة بشكل جيد.
يضم هذا الكتاب اليوميات من نمرة "34" إلى "53" دون حذف أو تنقيح، وهي اليوميات الوحيدة التي تصلح للنشر، أرّخ فيها مصوّر الموتى "سليمان أفندي السيوفي" في سنوات ما قبل إنشاء جهاز بوليس منظم ، حين تم تكليفه بتقصي الحقيقة حول مصرع أحد الباشوات بطريقة شنيعة، وبخبرته الموروثة في تحليل مسرح الجريمة، يكتشف أن الوفاة وراءها قتل عمد، وفاعل ترك مع ضحيته تذكارّا، قبل أن يكتشف أن تلك الجريمة، ليست سوى الجريمة الأولى في سلسلة من الإغتيالات، أدرك دون مجهود، أنها ستنتهي به."

شارك بتعليقك
جميع الحقوق محفوظة - مكتبات الشروق 2024