الجمعة 4 يونيو 2021
إذا كنت من قراء د. أحمد خالد توفيق المخضرمين، الذين تربوا على كتاباته منذ تسعينيات القرن الماضي، أو حتى إن كنت قد قابلته في أوائل الألفية الجديدة ووقعت في غرام قلمه؛ فأنت حتمًا لا تحتاج إلى قراءة هذا المقال. وإن طلبنا منك الإجابة على هذا السؤال: "لماذا نقرأ لأحمد خالد توفيق؟" ربما كنا بذلك نطلب منك مهمة صعبة، وذلك لتعدد الإجابات لدى الشخص الواحد، واختلافها وتنوعها بالطبع لدى كل قارئ على حسب العلاقة التي تكونت بينه وبين العراب من خلال كتاباته الثرية.
لكن بالنسبة لأجيال جديدة ما زالت تتحسس طريقها في عالم القراءة، فربما لم تتعرف بعد على كل جوانب إبداع العراب.
في هذا المقال نحاول الإجابة على هذا السؤال:
1- أسلوب شيق:
هناك من القراء والنقاد من يضع معيارًا لجودة الرواية يتناسب طرديًا مع مدى صعوبة الرواية، وعكسيًا مع الأسلوب السهل السلس الشيق. كان د. أحمد خالد توفيق دائم السخرية من هؤلاء، يقول في مقاله "الجذمور":
«يكفي أن تكتب كلامًا غير مفهوم يوحي بالعمق، وتبحث عن ناقد يصف ما كتبته بأنه (إرهاصات هي إفراز للكوزموبوليتانية، تعمد إلى تفتيت النص إلى وحدات تعكس روح ما بعد الحداثة)، فقد تم تعميدك وصرت أديبًا.. هل تكتب كلامًا جميلاً يبعث النشوة في النفس أو يدفع للتفكير؟... هل يفهمك من يقرأ لك؟.. لا أحد يذكر ذلك»
ويسخر أيضًا في أحد لقاءاته التليفزيونية: "لازم الرواية تعذبني وتطلع عيني عشان تبقى رواية عميقة"
إذًا يكفينا أن نعلم ذلك عن أحمد خالد توفيق لكي نتيقن أن أسلوبه على العكس تمامًا من التعقيد. ويكفي أن تفتح أول صفحة من أي من كتبه لكي تجد نفسك دخلت إلى عالم القصة وعشت بين شخصياتها.
2- المحتوى العلمي:
نعرف جميعًا أن أحمد خالد توفيق طبيب وأكاديمي متخصص في طب المناطق الحارة. وقد أفاده ذلك في كتاباته الأدبية واستغله بشكل جيد. فجعل بطلين من أبطال سلاسله المشهورين أطباء. أولهما الدكتور رفعت إسماعيل دكتور أمراض الدم بطل سلسلة "ما وراء الطبيعة" والتي تحولت إلى مسلسل شهير مؤخرًا من إنتاج "نتفليكس" وبطولة أحمد أمين وإخراج عمرو سلامة. وثانيهما الدكتور علاء عبد العظيم بطل سلسلة "سافاري".
بالإضافة إلى ذلك فقد وظّف د. أحمد خالد توفيق معرفته العلمية في كتاباته دائمًا بشكل جيد، فلا تشعر أبدًا أن المعلومة مقحمة على العمل، بل تكون في صميم الموضوع.
ومن أبرز كتبه ذات المحتوى العلمي كتابه "شربة الحاج داود" الذي يُفرّق فيه بين العلم وشبه العلم ونصف العلم واللاعلم، ويحاول فيه فضح أساليب النصب في الطب وسواه.
3- مفتاح لكُتَّاب آخرين:
قبل أن يكون الدكتور أحمد خالد توفيق كاتبًا رائعًا، فهو قارئًا من طرازٍ رفيع وذو ثقافة واسعة. وبالطبع فقد انعكس ذلك على كتاباته. فتجده دائمًا يحدثك عن كاتبًا، أو رواية ما، مما يخلق بداخلك الرغبة في اقتناء تلك الرواية وقرائتها، أو التعرف على عالم ذلك الكاتب.
بالإضافة إلى ذلك قدّم العراب إلى قرائه من الشباب الكثير من الكتاب العالميين في سلسلة "روايات عالمية للجيب".
كما تعتبر سلسلة "فانتازيا" بمثابة آلة زمنية. نقل فيها العراب قرائه إلى عوالم الكثير من الكتاب والعلماء والفلاسفة.
بالإضافة إلى الكتب فهو أيضًا يعشق السينما، وستجد طوال الوقت ترشيحات لأفلام نالت إعجابه وتحليلات لها أيضًا. وقد جمع بعضًا من هذه الترشيحات في كتابه "أفلام الحافظة الزرقاء".
4- خفة الظل:
يصعب تصنيف دكتور أحمد خالد توفيق من حيث نوعية كتاباته. هل هو كاتب ساخر؟ هل هو كاتب رعب؟ هل هناك ما يمكن تسميته بـ "رعب ساخر"؟ هل هو روائي؟ هل هو كاتب للشباب؟ في الحقيقة هو كل هؤلاء.
لكن إن كان صعبًا أن نحصر د. أحمد خالد توفيق في تصنيف الكاتب الساخر. فإن المؤكد أن سخريته وخفة ظله تفيض من كل سطر كتبه. حتى سلسلته الأشهر "ما وراء الطبيعة" التي تصنف كأدب رعب، لا تخلو من خفة ظل وسخرية دائمة على لسان بطله الكهل "رفعت إسماعيل".
كما أن له العديد من كتب المقالات الساخرة أشهرها: فقاقيع، وزغازيغ.