الجمعة 4 يونيو 2021
في عام 1905 نشر الفيزيائي الألماني "ألبرت آينشتاين" نظريته التي دُعيت بنظرية النسبية الخاصة، ثم أتبعها عام 1916 بنظرية النسبية العامة، فكانت هاتان النظريتان بدايةً لعصرٍ جديد، غيَّر وجه العالم الذي نعيش فيه.
فقد غيرت نظرية النسبية من الفيزياء الكلاسيكية المعتمدة على مفهوم السير إسحاق نيوتن، وأدت المفاهيم الجديدة في نظرية النسبية إلى ظهور علوم جديدة كلياً، مثل علم الكونيات والفيزياء الفلكية.
ما النظرية النسبية؟
النظرية النسبية (the theory of relativity): هي نظرية فيزيائية (طبيعية) تبحث في المواضيع التي تبحثها الفيزياء العادية كالزمان، المكان، السرعة، الكتلة، الجاذبية والتسارع، ولكنها تنظر إلى هذه الأمور بوجهة نظر مختلفة تماماً.
ما الفرق بين نظرية النسبية الخاصة والنسبية العامة ؟
النسبية الخاصة: تبحث فقط في الأجسام أو الأنظمة التي تتحرك بسرعة ثابتة بالنسبة إلى المراقب، أي التي تتحرك حركة منتظمة دون تسارع، وأن سرعة الضوء في الفراغ مستقلة عن حركة جميع المراقبين.
أما النسبية العامة: فإنها تبحث في الأجسام التي تتسارع بالنسبة إلى المراقب، أي الأجسام أو المجموعات التي تتحرك بسرعة متزايدة أو متناقصة.
الأبعاد في نظرية النسبية
في الفيزياء الكلاسيكية، نستخدم الأبعاد الثلاثة فقط، أي الأبعاد المكانية، وهي الطول والعرض والارتفاع، وهذا ما كان الجميع يعتقده، بينما آينشتاين أوجد بُعداً رابعاً، فقال: إن الكون الذي نعيش فيه هو ذو أربعة أبعاد لا ثلاثة كما تقول الفيزياء الكلاسيكية؛ وهذه الأبعاد هي الطول والعرض والارتفاع والزمن، وسمي ذلك باسم (الزمكان).
إن تّخيُل عالمٍ ببعدٍ واحدٍ أو بعدين أو حتى ثلاثة أبعاد أمرٌ سهل، أما عالم بأربعة أبعاد كما تقول النسبية أننا نعيش فيه، كيف يمكن أن نتصوره؟ وكيف يمكننا أن نرسمه؟ وكيف نرسم الزمن كبعد رابع في صورة؟ هل نُصوِر الزمن أساساً ما دُمنا لا نراه؟
إذا كانت النسبية هي وجهة نظر في هندسة الكون باعتباره مكوناً من أربعة أبعاد، معنى ذلك أن لها مفاهيم وحسابات خاصة بها، وحساباتها أشد تعقيداً من حسابات الفيزياء الكلاسيكية التي ترى هندسة الكون من ثلاثة أبعاد فقط.
المكان في نظرية النسبية
النظرية تقول: ليس في هذا الكون مكانٌ مطلق، فإذا رأيت أن هاتفك ثابت في يدك، وأنت نفسك ثابت، فالأمر نسبي، فالقارئ والهاتف ثابتان نسبياً لبعضهما البعض وبالنسبة للأرض التي هما عليها، أما في الواقع.. فهما متحركان بالنسبة إلى الكون.
فعندما بدأتَ بقراءة هذه الجملة.. كنتَ في مكانٍ معين من الكون، ولكن الآن عند الانتهاء من قراءتِها.. فأنت في مكان آخر قد يبعد عن الأول مئات الأميال بالنسبة للكون!
نحن فعلياً مسافرون في هذا الكون على ظهر مركبة فضائية اسمها الأرض، منطلقة بسرعة خارقة في هذا الفضاء الواسع، محكومة بقوانين المجموعة الشمسية.
الزمن في النسبية
إن مفهوم نسبية الزمن يشبه بعض الشيء نسبية المكان، إذ تقول النسبية إن الزمن نفسه لا يجري في جميع أنحاء الكون بالتساوي كما قال نيوتن، بل هو يطول ويقصر حسب ظروف معينه وأمكنة معينة.
ويقول آينشتاين بأن الزمن يطول ويقصر تبعًا لعاملين، الأول: السرعة وهذا مايبحثه في النسبية الخاصة، والثاني: الكتلة وهذا ما يبحثه في النسبية العامة.
فالزمن يتباطأ حسب السرعة، وكلما زادت السرعة زاد التباطؤ، وعند الوصول إلى سرعة الضوء يكون الزمن يساوي صفرًا!
وأيضاً الزمن يسير ببطء عند الكتل الكبيرة، فعند حدوث حادث في هذا الكون.. قد يكون في الماضي بالنسبة إلى مراقب، وفي الحاضر بالنسبة إلى مراقب آخر، وقد يكون مستقبلاً بالنسبة إلى مراقب ثالث!
إذاً.. اختلف الزمن بالنسبة إلى المراقبين بإختلاف أماكنهم، وهذا ما شرحته نظرية النسبية، وبذلك غيرت نظرية النسبية من مفهومي الحركة والزمن المُطلق عند نيوتن، فأصبحت الحركة نسبية، وتغير مفهوم الزمن من كونه مُطلقاً ويسير إلى الأمام دائماً، إلى كونه نسبياً، وجعلته بُعْدْاً رابعاً يُدمج مع الأبعاد الثلاثة المكانية، أي الزمكان.
من كتاب "الفيزياء بين البساطة والدهاء" لـ ضحى صالح