محاورة الاستشراق ربما أن تفرد استشراق إدوارد سعيد من كونه سبب قلقًا" للجميع من باحثين أكاديميين إلى ساسة وصحافيين، مرورًا بالـ "المطمئنين" إلى سلامة بناء المنظومة الفكرية الغربية وليس انتهاء برجل الشارع، ولعل تفرد الاستشراق يعود من بين أمور أخرى إلى منهجية تداخل العلوم التي اتبعها فيه سعيد؛ ليخرج لنا في النهاية بهذا الكتاب الفريد الذي أربك الكل؛ حيث فاجأهم بأن عليهم أن يتعاملوا مع مواد لم يدر في خاطرهم مطلقا أنهم سيقرأونها يوما ما، فوجد علماء الأدب واللغة أنفسهم مرغمين على قراءة التاريخ والوثائق والأرشيف، بينما وجد علماء التاريخ والساسة أنفسهم مجبرين على مطالعة الأعمال الأدبية والفنية من الحقبة الكولونيالية. بصدور "الاستشراق" شعر كل في تخصصه أنه ملزم بالرد فأتت ردود كثيرة انفعالية تدفع تهما بطريقة الهجوم "درءا لشبهات"، أو سترا لعورات، وربما دفاعا عن محصنات فكرية أو إمبريالية استعمارية أريد لها أن تبقى منيعة عن النقد؛ وأتى سعيد يدك حصونها. يأتي كتابنا هذا متناولاً أثر الاستشراق بعيدًا عن المشاعر المتأججة بعد أربعين عاما من صدوره، ولكن رغم ذلك يظل حريصًا على فهم قيمة العمل البحثي الملتزم وآثاره السياسية يأتي كتابنا هذا وما تزال كل القضايا التي أثارها سعيد حية ونابضة بل و تزداد حيوية ومعاصرة. تتبقى أخيرا الإشارة إلى أهمية الدور الذي يلعبه التنظير الفكري والفلسفي في قضايا نضال الشعوب والسياسة والهوية والقومية، سواء أكان ذلك استشرافاً للمستقبل أو إعدادًا للوسائل، وكيف أن للأكاديميا دورًا لا يقل أبدًا عن باقي الأدوار في النضال الوطني وبما أننا نتحدث عن استشراق سعيد الفلسطيني، تكفي الإشارة هنا إلى أن الجامعة العبرية تأسست قبل الدولة العبرية بعقود. شارك في هذا الكتاب أربعة عشر من أهم الباحثين في الجامعات والمراكز البحثية، منهم أسماء تعرفها جيدًا في عالمنا العربي مثل: زياد المرصفي، وبيتر جران، ومديرة الغدير.
-
تصنيفات
-
الوسوم
-
دار النشر
-
الشكل
غلاف
-
ISBN
9789778670776
-
السلسلة
-
سنة النشر
2024
-
أحدث طبعة
0
-
عدد الصفحات
413
-
-
-