"عرفت مقامي منذ وعيت لهذا العرق الذي ينبض في روحي، لست من الملهمين، ولا لي صاحب في وادي عبقر. الإلهام نور ساطع كاشف لجميع آفاق الروح والعالم، يهبط على من يختاره دون سبب ظاهر، فيتلقاه بغير سعي منه إليه. ما أبعد الفرق بين هذا النور وبين أزيز الشرارة الخاطفة التي أحس بها، وهي تتقد أحيانًا فجأة ثم تنطفئ لتوّها. إنها لا تنير لي إلا دربًا ضيقًا وسط غابة كثيفة، يؤدي إلى كنز صغير لا يفرح به الأثرياء... تنطفئ هذه الشرارة وتتركني لأشقى غاية الشقاء... حتى يتفصد العرق من جبيني من أجل أن أصل إلى هذا الكنز الذي رأيته – بل قد حدسته – من بعيد، كأنني أنحت في صخر. وحتمٌ عليّ أن أُزيل عن العمل كل آثار العرق، ليظن الناس أنها ولادة سهلة... إن اسمي لا يكاد يُذكر إلا ويُذكر معه "قنديل أم هاشم" كأني لم أكتب غيرها... وكنت أحيانًا أضيق بذلك، ولكن كثيرين حدثوني عنها واعترفوا بعمق تأثيرها في نفوسهم... منهم أديب يمني قال لي: لقد أحسست أنك تصفني حين أعود من القاهرة إلى اليمن... وقال لي بائع كتب قديمة: مش القصة اللي فيها واد بياكل بفتيك في أوروبا وأهله بياكلوا طعمية في مصر!! وحين أحاول البحث عن سبب قوة تأثير "قنديل أم هاشم" لا أجد ما أقوله سوى أنها خرجت من قلبي مباشرة كالرصاصة، وربما لهذا السبب استقرَّت في قلوب القرَّاء بنفس الطريقة".
هكذا عبر الأديب يحيى حقي عما قدمه من أعمال قصصية وروائية.
وحرصًا من دار نهضة مصر على تراث هذا المبدع وأعماله القصصية والروائية جاء التفكير في تقديمها مُجمعةً بعد تنقيحها لتخرج للقارئ كما كتبها الأديب يحيى حقي في المرة الأولى لتظل محفوظة لأجيال قادمة.
-
تصنيفات
-
الوسوم
-
دار النشر
-
الشكل
مجلد
-
ISBN
9789771459859
-
السلسلة
-
سنة النشر
2021
-
أحدث طبعة
0
-
عدد الصفحات
752
-
-
-