بصدور هذا الكتاب، يكون قد مر عامان على رحيل فاروق وادي، ولعل أجمل ما يتركه لنا الكاتب إبداعًا جديدًا لم يسبق لنا أن قرأناه، نحن الذين نفتقده يوما بعد يوم، أكثر فأكثر، هو الذي أمتعنا بعدد من أجمل الروايات العربية، متوجة بعمله الساحر الأخير "سوداد - هاوية الغزالة".
ثمة هوة عميقة أحدثها غياب فاروق في حياة القريبين منه، بحيث يمكنني القول إنها المرة الأولى التي أحس فيها بفداحة فقدان صديق.
... ويأتي هذا الجديد، كما يشير فاروق في مقدمته التي كتبها للكتاب بنفسه، استكمالا لثلاثية عشق المدن رام الله، بيروت، الإسكندرية، هو الذي بدا لي دائما أن أحاسيسه تجاه مدينة لشبونة، التي بدأ يستطيب الإقامة فيها، كانت تتطور بتسارع كبير بحيث تكون المدينة الرابعة، وليس أدل على ذلك من رواية "سوداد"، وكأن قلب فاروق لا يستطيع أن يكون خاليا من حب مدينة جديدة، هو الذي كان مضطرا دائما أن يكون بعيدا عن المدن التي أحب، مع اختلاف الأسباب.
هذا الكتاب، بقدر ما هو سيرة الإسكندرية، بقدر ما هو سيرة فاروق نفسه، وينسحب ذلك على رام الله التي كتب سيرتها وسيرته، وبيروت في ديك بيروت يؤذن في الظهيرة"، وإن أتقن التخفي هنا، وفي سرير المشتاق" الرواية التي تكشف أكثر مما تحجب.
... وفي كل هذه الكتب، وغيرها، بقي فاروق واحدًا من الناس، بعيدا عن بطولات الرواة وزهوهم بهذه البطولات، ففي كل ما كتب بقي ذلك الإنسان الذي يعشق ويحب ويتأمل، ويسخر من كل شيء، ومن نفسه، لكنه حين يكتب، يكتب بكل الحب، فلا يحب أنصاف المدن ولا أنصاف الصداقات، ولا أنصاف الحقائق.
لا يرحل الرائعون، بقدر ما تتضاعف قوة حضورهم، ونحن نكتشف كل يوم كم نحن نحبهم. إبراهيم نصر الله
-
تصنيفات
-
الوسوم
-
دار النشر
-
الشكل
غلاف
-
ISBN
9786144865354
-
السلسلة
-
سنة النشر
2024
-
أحدث طبعة
0
-
عدد الصفحات
232
-
-
-