ليست هذه الصحف، التي أقدمها إليك، سفرًا ولا كتابا كما أتصور السفر والكتاب، فأنا لم أتصور فصوله جملة، ولم أرسم لها خطة معينة ولا برنامجا واضحا قبل أن أبدأ في كتابتها، وإنما هي مباحث متفرقة كتبت في ظروف مختلفة وأيام متقاربة حينا ومتباعدة حينا آخر، فلست تجد فيها هذه الفكرة القوية الواضحة المتحدة التي يصدر عنها المؤلفون حين يؤلفون كتبهم وأسفارهم، بل أنا أذهب إلى أبعد من هذا فأحدثك في غير تحفظ ولا احتياط أني مهما أكن قد تكلفت في هذه الفصول من جهد ومشقة فإني لم أعن بها العناية التي تليق بكتاب بعده صاحبه ليكون كتابا حقا، إنما هي فصول كانت تنشر في صحيفة سيارة ليقرأها الناس جميعًا فينتفع بقراءتها من ينتفع ويتفكه بقراءتها من يتفكه، ولم يكن بد لكتابتها من أن يتجنب التعمق في البحث والإلحاح في التحقيق العلمي، إذ كانت الصحف السيارة لا تصلح لمثل هذا.
وإذ كنتم قد الححتم من جهة وأنت الظروف على ما كنت أريد من جهة أخرى فدونكم هذه الفصول كما كتبت وكما نشرتها «السياسة»، لم أغير فيها حرفًا، ولم أضف إليها شيئًا، و لم أصلح مما فيها من الخطأ قليلا ولا كثيرا، قد نشرتها صحيفة سيارة فأصبحت حقا لكم فأنا أرد إليكم هذا الحق ولست أسألكم إلا شيئًا واحدًا: وهو ألا تنظروا إليها نظركم إلى كتاب في الأدب العربي قد فرغ له صاحبه وعني بتحقيقه وتمحيصه.
-
تصنيفات
-
الوسوم
-
دار النشر
-
الشكل
غلاف
-
ISBN
9786589100294
-
السلسلة
-
سنة النشر
2024
-
أحدث طبعة
0
-
عدد الصفحات
1040
-
-
-