ما بين أيدينا جزء من سيرة رجل ينشأ في قلب الريف، يثقف نفسه بنفسه كأحد المارقين عن السواد الأعظم من الناس هناك. يقرأ للجميع، شرقًا وغربًا.

يشرِّح المجتمع من خلال دراسته. لاينسي السياسة، ولا ينسى الحب. يغوص في السِّيَر ويحقِّق في الأحداث المتواترة فيكتشف فيها  الجديد دائمًا وكأنه يُخرج لسانه لكاتب التاريخ الرسمي. يلعب بالأحبار كما يشاء، تشتمُّ في كتاباته رائحةً مختلفة؛ رائحة ليست سائدة ولا رائجة.

يكتب القصة، ويتابع التوك شو. يشاهد الأفلام جديدها وقديمها، ويحب ليلى مراد. علاقته مضطربة مع الحاسب الآلي، لكنها  جيدة مع مرؤوسيه. يضحك حتى الحشرجة، ويغضب حتى الصمت. يهتف ضد الأنظمة، ويدخِّن السجائر بشراهة. يستضيفونه في البرامج، ثم يبتعد عن الأضواء.

يمارس الشغف حتى لحظات عمره الأخيرة. قلبه لم يرد أن يتوقف، وكذلك عقله. امَّا ما أعطاه لنا- للجميع- فسُيدرَّس في المستقبل.

هو ليس مقريزي العصر أو الجبرتي، هو ليس الرافعي أو ابن تغري بردي. هو كل هؤلاء. يحب الانتقاء، يتفنن في رسم اللقطة أو المشهد. هو كذلك ليس هيكل، ولا الأخوين أمين ولا التابعي. هو يهاجم ويهادن ويسامح، حتى من آذوه.