رحلة غوص وحوار مع نحو 80 كتابا متنوعا، التقطها الناقد محمود عبد الشكور، باحثا فيها عن مواطن الجمال، وعمق المعنى، وبهجة الأفكار المختلفة، ومستكملا ما بدأه في الجزء الأول من "ونس الكتب".
يقول في مقدمته إن ما يكتب عنه جزء ضئيل مما يقرأ، ولذلك يعدنا هنا بمأدبة شهية باختيارات خاصة، مؤكدا أن دور الناقد أن يبذل جهدا في قدح الحجر، فيخرج منه النور، وتنبع منه النار، دوره أن يكتشف الشجرة الكامنة في البذرة، والأم الكامنة في الطفلة، والمطر الكامن في السحابة، والكلمات التي لا تنطق بها الشفاه، والألوان الكامنة في كل الوجود.
يبدو اكتشاف الجمال أكثر صعوبة من القبح، ولكنه أكثر إمتاعا، سواء للكاتب أو للقاريء، كما أن تحليل الجمال هو بطريقة معاكسة هجاء للقبح، ووسيلة لتمييزه واكتشافه، الكتابة عن الجمال هي رفض ضمني، وإدانة صريحة، وحرب علنية ضد القبح.
ينفي محمود عبد الشكور أن الناس ترفض المعرفة، فقد ولدوا بأجهزة استقبال لها، وولدوا بأجهزة استقبال تفكر وتتأمل وتتذوق، على اختلاف أقدارهم وحظوظهم من الإستيعاب، وعلى تفاوت ذائقتهم، ولكنهم ينتظرون طريقة تيسر هذا الإستقبال، تحببهم فيه، وتكافيء جهدهم وسعيهم، ينتظرون ممرا آمنا للمعرفة، يقرب ولا ينفّر، يتباسط ولا يتعالى.