تستكشف ويندي براون من خلال هذا العمل العميق مفهوم العدمية وارتباطه بالمجتمع المعاصر بالاستناد إلى أفكار المفكر السوسيولوجي ماكس فيبر. نسبر براون أغوار مفهوم العدمية بوصفه حالة لفقدان المعنى تجرد القيم والاعتقادات التقليدية من سلطتها ودلالتها. تفحص الكاتبة السياسية الكيفية التي أدت بها الرأسمالية والحداثة إلى نشوء الأزمنة العدمية حيث تحجب الفردانية والمنطق المتحكم في السوق الروابط الاجتماعية والإطارات الأخلاقية، وتبين أن هذه النقلة نحو العدمية لها مضاعفات عميقة على الفضاءات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والمعرفية والأكاديمية وعلى الوضع المتأزم لمفهوم القيمة داخلها.

وبانخراطها في كتابات فيبر، ولاسيما محاضرتيه "العلم بوصفه حرفة" و"السياسة بوصفها حرفة"، تسعى براون من خلال تساؤلاتها إلى الخروج من هذا الوضع العدمي المتأزم بفحص جذور العدمية وتمظهراتها، وتسليط الضوء على تأثيراتها في السياسة المعاصرة وفي تقويض الديمقراطية، وتداعياتها على واقع المعرفة في الفضاء الجامعي والأكاديمي. وباستنادها إلى فهم فيبر الأسس البيروقراطية، والكاريزماتية، وللأهمية التي أولاها للقيم وللإيتيقا، فإنها تقدم تقييمها نقديا للنزوعات العدمية السائدة في أزمتنا المعاصرة، وباعتمادها على تحليل محرّض على التفكير، ومنظورات متعددة التخصصات، تشجع براون القارئ على التفكير في التحديات التي تطرحها العدمية، وتقدم تصورها لخوض غمار هذه التحديات لإعادة بناء الإطارات والتشكيلات السياسية والاجتماعية والأخلاقية واسترداد المعنى الذي جردت منه، وبناء معان أخرى تواكب أزمنتنا.