لم تكن ظاهرة الإسلام السياسي نتاج للإسلام الرسولي – كما يتوهم البعض أو يريد أنْ يُوهمْوا الناس بذلك – أو إنها مرحلة متأخرة من مراحل الإسلام العبادي المبكر، ولا هي الابنة الشرعية لإسلام الصحابة الراشدين منهم على وجه التحديد، بقدر ما كانت عملية إرتداد حقيقي على الإسلام، وشق لعصا طاعته، والخروج عن نصه الديني ونسقه العام، والخيانة الكبرى لقيمه، فالإسلام السياسي هو ابن الحداثة السياسية بتصرف، بل هو العلمانية من داخل الإسلام وحتى خارجه، وربما هو عملية الإصلاح الديني التي أخفقت، والنهضة التي أنتكست، وهي التجربة المريرة التي ولدت من خاضرة الإسلام، وليس من رحمة ولادة طبيعية!